نحن مع غزة

Friday, March 27, 2009

*أوراق خريــــــــــــــــــــف*

أوراق خريــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف*

السلام عليكم ...

أستيقظت فاطمة على صوت ارتطام شئ ما على أرض غرفة نومها.
فقالت بتذمر: يوه هو أنت ناقص؟ ايه اللى رزعك من على الكمودينو. زهقت من عيشتك و قلت تنتحر يا سيدى البلد دى أحسن من غيرها؟
مدت يدها بكسل لتلتقط تليفونها المحمول اللى اترزع للتو على أرض الغرفة. كان التليفون كان قد مل من اصدار التنبية الخاص باستقبال رسالة جديدة فانحرف و سقط على الأرض.

- السلام عليكم ، اصحى يا نيلة هتتأخرى على محاضرة إمام. متنسيش الشيت زى كل مرة.

ابتسمت فاطمة: يخرب عقلك يا هدى على مسجاتك اللى على الصبح. طب و الله لما اجيلك.

قامت فاطمة و هى تتثاءب : الحمد الله الذى احيانا بعد ان اماتنا و اليه النشور. ثم التفتت بأسى الى الوسادة الخالية: أنا ايه اللى يصحينى من الساعة ستة و نص فى عز البرد. دا حتى منظر السرير و البطانية ميشجعش خالص. يعنى هو اللى دخلوا الكليات عملوا ايه. كويز ايه و بتنجان ايه بس. ربنا يهديك يا اللى فى بالى.

مشت مستندة الى الحائط حتى وصلت بعد معاناه الى باب الحمام. تم وقفت تحاول ان تهون على نفسها فكرة أن يلامس الماء وجهها الدافئ. و فى النهاية دخلت و هى تغمغم. و بعد ثلث الساعة فتحت الباب و ذهبت لتحضر فرشاة الأسنان من الاجزخانة فى غرفة أخيها. نظرت اليه و هو ملتحف بالغطاء نظرة حقد تم ضغطت على المعجون بغيظ و قربت الفرشاة من أسنانها و هى مازالت تغمغم.

- هو اللبن خلص؟ يعنى أحط الشاى على الزبادى؟ أمرى الى الله.

أخرجت علبة الجبن و خيارتين من الثلاجة و أمسكت بالخبز تقطعة نصفين. يا ترى الكويز على المحاضرة اللى فاتت ولا اللى قبلها. ماحنا نحفظ الورق يحيبوا من الكتاب نحفظ الكتاب و الورق يقفلوا الباب من تمانية الا تلت. يلا آخر سنة، ربنا يتوب علينا. بسم الله . ثم بدأت تلتهم السندوتش مبتعدة عن المطبخ.

- محاضرتان و سكشن. آخرنا على تلاتة و نصف ان شاء الله.

همت بوضع الكتب فى الحقيبة و كتبت لأمها ورقة: سأعود فى حوالى الرابعة، لن اتأخر، لا تنسى الدعاء.

أخرجت العباءة الزيتى و الايشارب البنى و الجونلة البنى من الدولاب و تركتهم على السرير و مشت على أطراف أصابعها متجهة الى غرفة فيروز أختها ثم فتحت الدرج السفلى للتسريحة و سحبت فردتى شراب وهى تنظر بحرص لحيث ترقد اخنها لكيلا تستيقظ و تظبطها متلبسة. ثم خرجت بنفس الطريقة.

- سبعة و ربع ... يا ربى!!

أخذت النقود من على السفرة و ضعتها فى المحفظة تم فتحت الباب و ارتدت الحذاء و أكملت ربط الايشارب فى و هى تركض على السلم.

- سبحان الذى سخر لنا هذا و ما كنا لــ ... نسيت المفتاح! يا رب ماما ترجع بدرى و متعديش تعمل شوبنج و الا هبات عند عمو البواب.

فتحت الجيب الامامى للحقيبة لكى تعيد تذكرة المترو و ثم أخرجت الاذكار تقرأها حتى لا تشعر بطول المسافة.

- اللهم انى أصبحت أشهدك ... الحمد لله باقى نجتس من امبارح، بدال أكل برا اللى جابلنا أنا و هدى بلهريسيا. يا رب بس نلحق نأكلهم قبل السكشن.

محطة البحوث، وضعت الأذكار فى الحقيبة و مضت تشق طريقها فى الزحمة نحو الباب.الثامنة الا ثلث كانت فاطمة خارج محطة المترو. الثامنة الا اربعة و اربعون دقيقة كانت عند باب مدرج 'ج'. و كان مفتوحا.

-الحمد لله! جلست فى اخر بنش و هى تلهث و تسعل بشدة. ثم ما أن هدأت حتى ضربت رأسها بيدها : الشيت!

فاطمة ... عشرون سنة ... لم يمر على التزامها الكثير و لكن هداها الله الى صحبة صالحة تعينها على الخير فى الكلية. بالطبع لم يكن أول يوم ارتدت فيه الحجاب كذلك اليوم الذى أكملت فيه ربطه على السلم.

فاطمة كانت تعلم أن من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم. فى احدى المرات خرجت تبكى من العيادة عندما كادت احدى المرضى أن تقبل يدها لانها شعرت بتحسن بعد أن عالجتها. ربى انى أفقر عبادك ... اللهم أوزعنى .... أن أشكر نعمتك التى ... أنعمت على ... ثم قامت من السجود و هى مازالت تبكى.

فاطمة تعيش فى أسرة مستقرة ماديا و اجنماعيا، لطالما كانت تشفق على منال صديقتها من كثرة خلافات والديها فى أثناء فترة الامتحانات. و كانت تحاول ان تخرجها من ضيقها بالمزاح و الضحك و هن يذاكرن سويا فى منزلها .

قضت فاطمة اربع سنوات فى الكلية فاصبح ذهابها للكلية عادة و قلما كانت تتذكر النية و هى فى طريقها للكلية كما كان الحال فى السنين الأولى. كانت فاطمة تفرح كثيرا كلما تعلمت من هدى ذكر جديد و داومت عليه الى أن أصبح ذلك الذكر بالنسبة لها عادة و قد تصرفها أفكار تافهة فى أن تتدبر معناه. كانت فاطمة لا تستطيع أن تذهب الى كليتها دون أن تقبل يد أمها و عندما أعتادت على هذا استبدلت تلك القبلة بكلمتين على ورقة ... لا تنسى الدعاء.

عندما تصبح علاقتنا بالدين عادة، فلا بقربنا من الله كما كنا من قبل. لا ينبغى أن نسأل لماذا نصاب الاكتئاب!

يبقى التنوية بأن فاطمة و هدى و فيروز و منال ليست شخصيات حقيقية على أرض الواقع!

وفى أمان الله

* هى بعض الاوراق التى تسقط و لا نشعر بها. ربما لأنها ماتت دون أن تتألم.

حلقات تصدر حسب التساهيل. ربما تصبح قصة واحدة أو قصص منفصلة، لكنا لن تنتهى بزواج البطل و البطلة كما تعودنا فى المسلسلات الهندى! *

No comments: